فصل: 3- وصية وزير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.الوصايا (جملة من الوصايا التي تذكر في العهود والتقاليد والتفاويض والتواقيع والمراسيم):

وهذا باب كبير، وللقلم فيه سبح طويل. ولو تكلفنا استيعاب الوصايا لألزمنا تكليف ما لا يطاق، وإنما تقدم منها المهم، ونأتي بالجوامع كالتبصرة للناظر، والتنبيه للغافل؛ ومن كان ذا خاطر تفجرت له ينابيعه، وجرت له شعابه.

.1- عهود الخلفاء إلى ولاة العهود وإلى الملوك، وعهود الملوك من الملوك:

وكل ذلك في طبقة تتقارب؛ والوصية فيها:
بتقوى الله وإقامة حدوده، والشرع الشريف وتشييد عقوده، والوفاء بعهوده، وأخذ مال الله بحقه، وصرفه في مستحقه، والاجتهاد على الجهاد، وحسن النظر للأمراء والأجناد، وطوائف العرب والتركمان والأكراد، وغزو أعداء الله برا وبحرا، وقصدهم حيث كانوا بعدا وقربا، ورعاية الرعايا وعمارة البلاد، وتأمين الجواد، وإضافة المهابة التي تقشعر لها عصب الفساد، وعمارة المعاقل والقلاع والحصون والثغور، وحماية الأطراف والمواني، وجمع كلمة الأمة، واستعباد القلوب بالإحسان، وإقامة منار العدل والإنصاف، والأخذ من الظالم للمظلوم، وللضعيف من القوي، وتأمين الحرمين وبيت المقدس الذي هو ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال؛ وإقامة موسم الحج في كل عام، وتجهيز السبيل على أكمل العوائد، وإجراء ضرائح الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- على أكمل ما يكون من الإكرام، والتوقير والاحترام، ورعاية من فيها من القومة والخدام، وتحرير معايير النقود والمعاملات، والتأني في ارتياد الأكفاء للولايات، وتقديم الأحق فالأحق، والوصية بذرية من يموت أبوه في موقف جهاد أو موضع خدمة، وببقايا أرباب البيوت، وصرف وجوه الصدقات والمرتبات التي أجرتها الملوك لذوي الاستحقاق- ما لم يكن مانع- وإجراء جهات الأوقاف على اختلافها في مجاريها، وصرفها في مصارفها، وعلى حكم شرط واقفها؛ وإذا بلغ الرأي المشورة استشار فيه واجتهد، وله رأيه. وليقم البريد وينصب له عيونا تأتيه بالأخبار، وتستنطق له ألسنة تشافهه بالأنباء. ولا يزال للأحوال متفقدا، وللأمور متعهدا، يبدأ بالأهم فالأهم، ويقدم الأولى فالأولى، ويحسن في كل أمر فعلا وقولا. وليكن في هذا كله بقوة من غير عسف، ولين من غير ضعف، وأناتا لا يتراخى بها مدد الإمهال، ولا تؤدي عواقبها إلى الإهمال). وغير هذا في هذا ومثله من كل ما يقال.

.2- وصية نائب سلطة:

(يوصى بتقوى الله وتنفيذ الأحكام الشرعية، ومعاضدة حكامها، واستخدام السيوف لمساعدة أقلامها، وتفقد العساكر المنصورة وعرضها، وإنهاضهم لنوافل الخدمة وفرضها، والتخير للوظائف، وإجراء الأوقاف على شرط كل واقف، والملاحظة الحسنى للبلاد وعمارة أوطانها، وإطابة قلوب سكانها، ومعاضدة مباشري الأموال مع عدم عما ألف من عدل هذه الأيام الشريفة وإحسانها، وتحصين ما لديه، وتحسين كل ما أمره إليه، واستطلاع الأخبار والمطالعة بها، والعمل بما يرد عليه من المراسيم المطاعة والتمسك بسببها؛ وأنه مهما أشكل عليه يستضيء فيه بنور آرائنا العالية فهو يكفيه، ومن قتل من الجند أو مات وخلف ولدا يصلح لإقطاعه يعين له ليقوم بمخلفيه، ويقال من هذا ليقوم بتمام الغرض ويوفيه).

.3- وصية وزير:

(يوصي بتقوى الله فإن عليه رقيب، وإليه أقرب من كل قريب، فليجعله أمامه، وليطلب منه لكل ما شرع فيه تمامه؛ وليجل رأيه في كل ما تشد الدولة أزرها، وتسند إليه ظهرها؛ وليجعل العدل أصلا يبني على أسه، والعمل في أموره كلها لسلطانه لا لنفسه؛ وليدع منه الغرض جانبا، وحظ النفس الذي لا يبدو إلا من العدو وليصدق من دعاه صاحبا؛ وليبصر كيف يثر الأموال من جهاتها، وكيف يخلص بيوت الأموال- بالاقتصار على الدراهم الحلال- من شبهاتها؛ ولينزه مطاعم العساكر المنصورة عن أكل الحرام فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يرى به من العين إلا ما يحرم الهجوع؛ وليحذر من هذا فإن المفاجئ به كالمخاتل؛ وليتجنب إطعام الجند منه فإن آكل الدرهم الحرام ما يقاتل؛ وليحسن كيف يولي ويعزل، ويسمن ويهزل، وعليه بالكفاة الأمناء، وتجنب الخونة وإن كانوا ذوي غناء؛ وإياه والعاجز، ومن لو رأى المصلحة بين عينيه رأى بينه وبينها ألف حاجز؛ وليطهر بابه، ويسهل حجابه، ويفكر فيما بعد أكثر مما قرب: مقدما للأهم فالأهم من المصالح، وينظر إلى ما غاب عنه وحضر نظر المماسي والمصابح؛ ولا يستبدل إلا بمن ظهر لديه عجزه أو ثبتت عنده خيانته؛ ولا يدع من جميل نظره من صحت لديه كفايته، أو تحققت عنده أمانته؛ وليسلك أقصد الطرق في أمر الرواتب التي هي من صدقاتنا الشريفة وصدقات من تقدم من الملوك، وهي إما لمن وجب له حق وإن كان غنيا أو عرف صلاحه وهو صعلوك؛ وكذلك ما هو لأيتام الجند الذين ماتوا على الطاعة، وأمثالهم ممن خدموا دولتنا القاهرة بما استطاعه: فإن غالب من مات منهم لم يخلف لهم إلا ما نسمح لهم به من معروف، ونجريه لهم من جار هو أنفع من كثير مما يخلفه الآباء للأبناء من المال المتملك والوقف الموقوف؛ وليصرف اهتمامه إلى استخلاص مال الله الذي نحن أمناؤه، وبه يشغل أوقاته وتمتلي كالإناء آناؤه؛ فلا يدع شيئا يجب لبيت المال المعمور من مستحقه؛ ولا يتسمح في تخلية شيء منه كما أننا نوصيه أنه لا يأخذ شيئا إلا بحقه؛ وليبقي لأيامنا الزاهرة تواقيعه ذكرا لا يفنى، وبرا لا يزال ثمره الطيب من قلمه يجنى، ليكون من رياح دولتنا التي تغتنم ما يثيره من سحابها المطير، وحسنات أيامنا التي ما ذكرنا وذكر معنا فيها إلا وقيل: نعم الملك ونعم الوزير!).

.4- وصية نائب القلعة:

(وعليه بحفظ هذه القلعة التي زفت إليه عقيلتها الممنعة، وجلبت عليه سافرة دونها السماء بالسحب مقنعة، وسلمت إليه مفاتيحها- وخواتيم الثريا أقفال- وأوقدت إليه مصابيحها- وقناديل البروق لا تشب لقفال؛ فليبدأ بعمارة ما دعت الحاجة إليه من تجديد أبنيتها، وتشييد أفنيتها، وشد عقودها، وعد ما لا يحصى في الذخائر من نقودها، وتنبيه أعين رجالها والكواكب قد همت برقودها، والأخذ بقلوب من فيها وتدارك بقية ذمائهم وتلافيها، وجمعهم على الطاعة، وبذر الإحسان فيهم إذا عرف أرضا تزكو فيها الزراعة، والتمادي لهم: فرب رجال تجزى عن عدة سنين في ساعة، وتحصين هذا الحصن المنيع بما يدخر في حواصله، ويستمد بعمارة البلاد المختصة به من واصله، وما يكون به من المجانيق التي لا ترقى عقاربها، ولا توقى منها أقاربها، ولا ترد لها مضارب، ولا يكف عن زباني زبانيتها كل ضارب، ولا يخطي سهمها، ولا يخفا بين النجوم نجمها، ولا يعرف ما في صندوقها المقفل، من البلاء المرسل، ولا في فخذها المشمر الساق عن النشاط الذي لا يكسل؛ وغيرها من الرايات التي في غيرها لا تشد، ولسوى خيرها لا تعد، وما يرمى فيها من السهام التي تشق قلب الصخر، ويبكي خنساء كل فاقدة على صخر؛ وكذلك قسي اليد التي لا يد بها ولا قبل، وكنائن السهام التي كم أصبح رجل وبه منها مثل الجبل، وما يصان من العدد واللبوس، ويعد للنعم وللبوس، وما يمد من الستائر التي هي أسوار الأسوار، ولمعاصم عقائل المعاقل منها حلى سوى كل سوار، وهي التي تلاث لثمها على مباسم الشرفات، وتضرب حجبها على أعالي الغرفات؛ وسوى هذا مما تعتصم به شوامخ القلال، ويتبوأ به مقاعد للقتال، فكل هذا حصله وحصنه، وأحسبه وحسنه، وأعد منه في الأمن لأوقات الشدائد، واجر فيه على شأو من تقدم وزد في العوائد؛ وكن من هذا مستكثرا، وله على ما سواه مؤثرا، حتى لا تزال رجالك مطمئنة الخواطر، طيبة في غلق القلوب ما عليها إلا السحب المواطر، واعملوا بإعادة القلاع في غلق أبواب هذه القلعة وفتحها، وتفقد متجددات أحوالها في مساء كل ليلة وصبحها، وإقامة الحرس، وإدامة العسس، والحذار ممن لعله يكون قد تسور أو اختلس، وتعرف أخبار من جاورك من الأعداء حتى لا تزال على بصيره، ولا تبرح تعد لكل أمر مصيرهم، وأقم نوب الحمام الذي قد لا تجد في بعض الأوقات سواه رسولا، ولا تجد غيره مخبرا ولا سواه مسئولا، وطالع أبوابنا العالية بالأخبار، وسارع إلى ما يرد عليك منها من ابتداء وجواب، وصب فكرك كله إليها وإلى ما تتضمنه من الصواب).

.5- وصية أستادار:

(وليتفقد أحوال الحاشية على اختلاف طوائفها، وأنواع وظائفها، وليرتبها في الخدمة على ما يجب، وينظر في أمورهم نظرا لا يخفى معه شيء مما هم عليه ولا يحتجب؛ وليبدأ بمهم السماط المقدم الذي يقدم، وما يتنوع فيه من كل مطعم، وما يمد منه في كل يوم بكرة والعصر، وما يستدعى معه من الطوارئ التي لا يحدها الحد ولا يحصرها الحصر، وأحوال المطبخ الكريم الذي منه ظهور تلك المخافي، ووفاء ذلك الكرم الوافي، والتقدم إلى الأمناء والمشرفين فيه بأمانة الإنفاق، وصيانة المآكل مما يعاب على الإطلاق؛ ثم أمر المشروب وما تغلق عليه أبواب الشراب خاناه السعيدة من لطائف مأكول ومشروب، وشيء عزيز لا يوجد إلا فيها إذا عز المطلوب، ومراجعة الأطباء فيما تجري عليه قوانينها، وتشب لطبخه من جمر اليواقيت كوانينها، وإفراز ما هو للخاص الشريف منها وما هو للتفرقة، وما لا يصرف إلا بخط الطبيب ولا يسلم إلا إلى ثقة؛ ثم (الطست خاناه) السعيدة التي هي خزانة اللباس، وموضع ما نبرز به من الزينة للناس، وما يحتاج إليه من آلات التطبيب، وما يعين لها من الصابون وماء الورد والطيب، وغير ذلك من بقية ما هي مستقره، ويؤخذ منها مستدره، ومن يستخدم بها ممن بريء من الريب، وعرف بالعفاف والأدب، وعلم أنه من أهل الصيانة، وعلى ما سلم إليه ومن خالطته الأمانة؛ ثم (الفراشخاناه) وما ينصب فيها من الخيام، وما يكون فيها من فرش سفر ومقام، وشمع يفضض كافور كافوريته آبنوس الظلام؛ ثم غلمان الإسطبل السعيد والنجابة، وإن كان إلى سواه استخدامهم، ولدى غيرهم مستقرهم ومقامهم، لكنهم ما خرجوا من عديده، ولا يروقهم ويروعهم إلا حسن وعده وخشن وعيده؛ ثم المناخات السلطانية وما بها من جمال، وما يسرح فيها من مال وجمال، ومن يستخدم فيها من (سيروان) و(مهمرد) وما فيها من قطار مزدوج وفرد؛ فيوفر لهذه الجهة نصيبا من النظر يشاهد أمورها وقد غابت في الأقطار، وتفرقت كالسحب يلزمها القطار القطار؛ وليكونوا على باله فإنهم يسرقون ذرة الكحل من العين ومعهم الذهب العين محملا بالقنطار، فليحسن منهم الارتياد، وليتخير أرقهم أفئدة فإنهم بكثرة ملازمتهم للإبل مثلها حتى في غلظ الأكباد. وطوائف المعاملين، والأبقار ومن عليها من العاملين، وزرائب الغنم وخولتها ورعائها، وأصناف البيوت الكريمة وما تطلبه في استدعائها، ونفقات الأمراء المماليك السلطانية في إهلال كل هلال، وما يصرف في كساويهم على جاري عادتهم أو إذا دعت إليه ضرورة الحال، وما يؤخذ عليه خطه من وصولات تكتب؛ واستدعاآت تحسب من لوازمه وهي للكثرة لا تحسب؛ فليكن لهذا كله مراعيا، ولأموره واعيا، ولما يجب فيه دون ما لا يجب مستدعيا أو إليه داعيا؛ وهو كبير البيت وإليه يرجع أمر كل مملوك ومستخدم، وبأمره يؤخر من يؤخر ويقدم من يقدم، ومثله يتعلم منه ولا يعلم، وعصاه على الكل محمولة على الرقاب، مبسوطة في العفو والعقاب، ومكانه بين أيدينا حيث نراه ويرانا ولدينا قاب قوسين أو أدنى من قاب.
وعليه بتقوى الله فبها تمام الوصايا وكمال الشروط، والأمر بها فعصاه محكمة وأمره مبسوط، وكل ما يناط بنا: من خاصة أمورنا في بيتنا- عمره الله ببقائنا وزاد تعميره- بتدبيره منوط).

.6- وصية مقدم المماليك:

(وليحسن إليهم، وليعلم أنه واحد منهم ولكنه مقدم عليهم، وليأخذ بقلوبهم إقامة المهابة التي يخيل إليهم بها أنه معهم وخلفهم وبين يديهم، وليلزم مقدم كل طبقة بما يلزمه عند تقسيم صدقاتنا الجارية عليهم: من ترتيب الطباق، وإجراء ساقية جارية من إحساننا إليهم ولا ينس السواق؛ وليكن لأحوالهم متعهدا، ولأمورهم متفقدا، وليستعلم أخبارهم حتى لا يزال منها على بصيرة، وليعرف ما هم عليه مما لا يخفى عليه فإنهم إن لم يكونوا له أهلا فإنهم جيرة، وليأمر كلا منهم ومن مقدميهم والسواقين بما يلزمهم من الخدمة، وليرتبهم على حكم مكانتهم منا فإن تساووا فليقدم من له قدمة، وليعدل في كل تفرقة، وليحسن في كل عرض ونفقة، وليفرق فيهم ما لهم من الكساوى ويسبل عليهم رداء الشفقة، وليعد منهم لغابنا المحمي سباعا تفترس العادية، وليجمل النظر في أمر الصغار منهم والكبار أصحاب الطبقات العالية، وليأخذهم بالركوب في الأيام المعتادة، والدخول إلى مكان الخدمة الشريفة والخروج على العادة، وليدرهم في أوقات البياكر والأسفار نطاقا دائر الدهليز المنصور، وليأمرهم أمرا عاما بأن لا يركب أحد منهم إلا بدستور ولا ينزل إلا بدستور، وليحترز عليهم من طوائف الغلمان، ولا يستخدم منهم إلا معروفا بالخير ويقيم عليه الضمان، وليحرر على من دخل عليهم وخرج، ولا يفسح لأحد منهم إلا من علم أنه ليس في مثله حرج، ولا يدع للريبة بينهم مجالا للاضطراب، وليوص مقدميهم بتفقد ما يدخل إليهم فإن الغش أكثره من الطعام أو الشراب، وليدم مراجعتنا في أمرهم فإن بها يعرف الصواب، وليعمل بما نأمره به ولا يجد جوى في جواب).

.7- وصية أمير آخور:

(وليكن على أمل ما يكون من إزاحة الأعذار، والتأهب لحركاتنا الشريفة في ليل كان أو نهار، مقدما الأهم فالأهم من الأمور، والأبدأ فالأبدأ من تقديم مراكبنا السعيدة وتهيئة موكبنا المنصور، وترتيب ذلك كله على ما جرت به العوائد، وتحصيل ما تدعو الحاجة إليه على قدر الكفاية والزوائد، والنظر في جميع إسطبلاتنا الشريفة، والجشارات السعيدة، وخيل البريد، والركائب المعدة لقطع كل مدى بعيد، وما يجتمع في ذلك وينقسم، وما يركب منها ويجنب مما يسم الأرض بالبدور والأهلة من كل حافر ومنسم، وما هو برسم الإطلاق، وما يعد لمماليك الطباق، وخيل التلاد، وما يجلب من وقود كل قبيلة من القبائل ويجيء من كل بلد من البلاد، والمشترى مما يباع من المواريث ويستعرض من الأسواق، وما يعد للمواكب وللسباق، ولجل رأيه في ترتيب ذلك كله في مراتبه على ما تقتضيه المهمات، والاحتراز في التلاد مما لعله يبدل ويقال هو هذا أو يؤخذ بحجة أنه مات؛ وليجتهد في تحقيق ما نفق؛ وليحرره على حكم ما يتحقق عنده لا على ما اتفق، وكذلك ليكن فحصه عمن يستخدم عنده من الغلمان، ولا يهمل أمورهم مع معاملتهم بالإحسان، ولا يستخدم إلا من تشكر سيرته في أحواله، وتعرف خبرته فيما يراد من أمثاله؛ وكذلك الركابة الذين تملك أيديهم أعنة هذه الكرائم، والتحرز في أمرهم ممن لعله يأوي إليهم من أرباب الجرائم، والأوشاقية الذين هم مثل مماليكه وهم في الحقيقة إخوانه، وجماعة المباشرين الذين هم في مباشرة الإسطبلات السعيدة ديوانه، وكل هؤلاء يلزمهم بما يلزم أمثالهم من السلوك، ويعلمهم ما يجب عليهم أن يتعلموه من خدمة الملوك، ولا يسمح لأحد منهم في أمر يفضي إلى إخلال، ولا يقتضي فرط إدلال، وليقم أودهم بالأدب فإن الأدب ما فيه إذلال؛ وكل هؤلاء الطوائف ممن يتجنب العامة مخالطتهم لما طار في أيام من تقدم على أمثالهم من سوء السمعة، ويتخوف منهم السرعة، فليكن لهم منك أعظم زاجر، ومن شكي إليك منهم فسارع إلى التنكيل به وبادر، وأشهر من فعلك بهم ما يوجب منهم الطمأنينة، ولا يعود أحد بعده يكذب يقينه، وأمراء أخورية الذين هم أتباعكن وبهم يمتد باعك، هم بحسب ما تجعلهم بصدده، وما منهم إلا من يقدر أن يتعدى حده في مقام قدمه وبسط يده، فاجعل لكل منهم مقاما معلوما، وشيئا تجعل له فيه تحكيما؛ وتثمين الخيول المشتراة والتقادم قومها بأهل الخبرة تقويم عدل، وقل الحق ولا يأخذك فيه لوم ولا عذل، وما يصرف من العليق برسم الخيول السلطانية ومن له من صدقاتنا الشريفة عليق، مر بصرفه عند الاستحقاق واضبطه بالتعليق، وتصرف في ذلك كله ولا تتصرف إلى تصرف شفيق؛ وصنه بأقلام جماعة الديوان ولا تقنع في غير أوقات الضرورة برفيق عن رفيق؛ وكذلك البراسيم السنوية أصلا وزيادة، ولا تصرف إلا ما نأمر به وإلا فلا تخرج فيه عن العادة؛ ونزلاؤك من أمراء العربان عاملهم بالجميل، وزد في أخذ خواطرهم ولو ببسط بساط الأنس لهم فما هو قليل، لتضاعف رغبتهم في كل عام، وليستدلوا ببشاشة وجهك لهم على ما بعده من الأنعام؛ وبغال الكوسات السعيدة والأعلام المنصورة، وأبغال الخزانة العالية المعمورة، اجعلها من المهمات المقدمة، والمقدمات لنتائج أيام النصر المعلمة، ورتبتها في مواقفها، وأتمها أتم ما يكون من وظائفها، فبها تثبت مواقف العسكر المنصور، وإليها يأوي كل مستظل ورحى الحرب تدور، وغير ذلك من قماش الإسطبلات السعيدة من الذهب والفضة والحرير، وكل قليل وكثير، باشره مباشرة من لا يتخلى، وأحصه خرجا ودخلا، وإياك والأخذ بالرخص، أو إهمال الفرص، أو طلب فائت جرم أهملته حتى نكص).